السبت، فبراير 07، 2009

قصة : سأموت غدا . خوان مياس

سأموت غدا لا أدري في أية لحظة في اليوم انتبهت أنني في يوم الخميس ، مع أن الباقين مازالوا في يوم الأربعاء . لكن ذلك حدث لي مرات عديدة ، ولم أعره إهتماماً . فهناك أسابيع يود الواحد منا أن تنتهي سريعا ، فيقص منها يوماً . مشكلتي بدأت بالتحديد يوم سبت . حيث انني وزوجتي اعتدنا ان نذهب للسينما ونتناول عشاءنا بالخارج ، وأحيانا ندعو صديقا وزوجته ليصطحبانا . حينئذ اقترحتُ علي زوجتي أن تهاتف عائلة جوتيريث ليخرجا معنا هذا المساء ، فأخبرتني أننا مازلنا في يوم الجمعة . لم انبس بكلمة ، لكنني بقيت حائراً . أنا أعمل في البيت ، فأنا بروجرمر ، وعلاقاتي قليلة بالعالم الخارجي ، وبالتالي لا أثق في أحاسيسي . لذلك ، قبل أن تذهب زوجتي لعملها ( فهي رئيسة قسم العملة الصعبة بأحد البنوك ) نزلتُ لشراء جريدة ، وتحققتُ اننا في يوم السبت . ـ أنظري للجريدة ـ حدثتها ووضعت الجريدة علي ترابيزة المطبخ حيث كانت تتناول فطورها . ـ ماذا يجب أن أنظر ؟ ـ في أي يوم نحن . ـ الجمعة ، 15 أكتوبر . اقتربتُ ونظرتُ من وراء كتفها للتاريخ المكتوب أعلي الجريدة ، ورأيت أنها محقة . لكن عندما ذهبتْ ، وعندما عاودتُ النظر للجريدة ، رأيتُ أننا في يوم السبت 16 أكتوبر . فأدركتُ أنها قرأتْ جريدة الجمعة ، بينما قرأتُ أنا جريدة السبت . بمعني آخر ، ولسبب لا يمكن تفسيره ، كنت اعيش أنا يوما سابقا علي بقية البشر . فقمت ببعض الافعال لأتحقق من ذلك ، فكانت النتيجة أنني فعلا اعيش يوما سابقا . فرويتُ لزوجتي تلك الليلة ، أثناء العشاء ، هذا الأمر . ـ أتعلمين أنني أعيش يوما سابقا علي بقية الناس ؟
نظرتْ لي نظرة تحمل سؤالاً ، فشرحتُ لها بالتفصيل ، وبعد أن أنهيتُ قولي انفجرتْ في الضحك ، ففهمتُ أنها أخذتْ الأمر مأخذ الهزل . فلم ألح ، فأنا نفسي أري أن الأمر لا يُصدَق ، لدرجة أنني بدأتُ أرتاب في حواسي . خلال الأيام التالية ، ظللتُ أركز وأتحقق ، وانتبهتُ أن الأمر حقيقة لا محالة . فقد كنتُ أعرف الأخبار قبل أن يعرفها الناس بيوم ، ورغم أن ذلك يبدو ميزة ، إلا أنه سبّب لي الرعب أيضاً . لقد رأيتُ في جريدة الثلاثاء ، ثلاثائي أنا ، خبر وفاة أمي التي لازالت بالنسبة للباقين حية ترزق . كما رأيتُ خبر نشوب حريق وقيام زلزال قبل أن يحدثا ؛ وزرتُ ابني في المستشفي بعد أن أصيب في حادثة سيارة قبل أن تقع الحادثة . لكنني أيضا رأيتُ أخبارا سعيدة ، لكنني لم أستطع أن أسعد بها في وقتها مع الآخرين . وهكذا ، عندما فازت ابنتنا ، التي درست الطب ، بالتعيين في مستشفي كبير ، كان يجب أن أقاوم رغبتي في مهاتفة العائلة بأكملها لنشر الخبر . بدأتُُ أشرب الخمر . وذات يوم ، عندما كنت في بار بمفردي ، أتجرع كأسي ، جلستْ بجانبي سيدة عزباء ، وبدأنا حوارا ، وبعد قليل اعترفتُ لها بمشكلتي . فأخبرتني أنها يحدث لها أمر شبيه بذلك ، فهي تسبق الناس بيومين لا بيوم واحد . كان هذا اليوم يوم الأربعاء بالنسبة لي ، ويوم الثلاثاء بالنسبة لبقية الناس ، ويوم الخميس بالنسبة لها . ـ اذن ، هل يحدث لقاؤنا هذا اليوم أم غدا ؟ ـ اليوم بالنسبة لك ، والأمس بالنسبة لي . ـ اذن ، بما أنك في الغد ، احكي لي ماذا سيحدث . ـ اليوم سنذهب إلي السرير ـ قالت ـ أنا أسكن هنا بجانب البار ، لكنك ستصاب بسكتة قلبية عندما تبدأ في خلع ملابسك ، وأنا سأحملك وأضعك في الأسانسير ، حيث سيجدونك هناك ميتا صباح الغد . والحقيقة أنهم عثروا عليك بالفعل . وجاءت الشرطة وسألونا جميعا إن كنا نعرفك ، فأنكرنا جميعا معرفتنا بك . ـ اذن ، علينا ألا نذهب لبيتك . ـ قلت باستسلام وثبات ناتج عن الكحول . ـ هيا لقد حان الوقت ـ قالت . خرجنا من البار وذهبنا لشقتها الواقعة في البناية المجاورة للبار علي الناصية . وعندما بدأتُ في خلع ملابسي شعرت بألم شديد في كتفي ، ما لبث أن تسرب لصدري . وعندما انتبهتْ السيدة لحالتي ، ألبستني جاكيتي ، وحملتني للأسانسير ، ورمتني هناك . وقبل أن أموت بلحظة ، استرددت احساسي الطبيعي بالزمن ، ورغم أنني قد مُتُ يوم الأربعاء إلا أنني مازلت أعيش في يوم الثلاثاء . ذهبت للبيت ، حبستُ نفسي في غرفتي ، وشرعتُ في كتابة هذا النص . ولا ألقي بالذنب علي أحد فيما حدث .

نشرت القصة بترجمتي بجريدة أخبار الأدب

جديد

«حصن التراب»: من ضيق الميلودراما إلى رحابة التاريخ

إبراهبيم عادل زيد   يعّرف «أحمد عبد اللطيف» روايته الجديدة «حصن التراب» بأنها (حكاية عائلة موريسكية). ولأول وهلة قد يبدو الحديث ...