الجمعة، يوليو 03، 2009

ملكان ومتاهة / بورخس

خورخي لويس بورخس
يروي أهل الثقة ، والله أعلم ، أنه في أيام الدنيا الأولي كان هناك ملك لجزيرة بابل ، وأنه قام بجمع مهندسيه وسحرته وأمرهم بتشييد متاهة محيّرة وذكية ، تجعل أكثر الرجال فطنة يخشي دخولها ، وتجعل من يتجرأ علي ذلك أن يتوه في جوانبها . يروي أن هذه البناية كانت رائعة حقاً ، وأنها جمعت ما بين المتاهة والعجيبة ، وهي أشياء خاصة بالخالق لا بالمخلوق . وأنه بعد فترة من الزمن جاء أحد الملوك العرب في زيارة لملك بابل في قصره ، فاصطحبه الملك البابلي إلي هذه المتاهة وأولجه فيها وتركه بقصد المداعبة الظريفة ، فتجول الملك العربي بداخلها حتي تاه ، إلي حين مالت الشمس، وظل علي حاله هكذا متضرعاً إلي الله ومستغيثاً به ، ودافعاً الأبواب بلا جدوي ، إلا أنه لم يتفوه بعبارة إعتراض أو شكوي . حين أخرجوه ، أخبر الملك العربي نده البابلي أن لديه في السعودية متاهة أعجب من متاهته ، وأنه إن شاء الله سيريه إياها . عاد العربي إلي بلده ، فجمع رجاله ومرؤوسيه وغار علي المملكة البابلية فدمرها ، واستولي علي ثروات ملكها ، وحطم قلاعه ، وقضي علي رجاله ، بل وأسر هذا الملك نفسه وحمله فوق جمل وربطه وسار به إلي الصحراء ، وظلا في طريقهما طيلة ثلاثة أيام . بعدها قال له :
- يا ملك عصرك ، وفطين زمانك ، وداهية جيلك ، جئتك بابل فأدخلتني متاهة من البرونز ، ذات سلالم عديدة ، وأبواب كثيرة ، وحوائط لا عدد لها . الآن سأوريك متاهة أخري ، خلقها القدير المقتدر . متاهة أعظم من متاهتك ، بلا سلالم صاعدة ، ولا أبواب مغلقة ، ولا دهاليز منهكة ، ولا حوائط تعوق سيرك .
و همّ بفك أربطته وتركه وسط الصحراء .
فمات الرجل جوعاً وعطشاً .
العظمة لله الذي لا يموت .
ت / أحمد عبد اللطيف

جديد

«حصن التراب»: من ضيق الميلودراما إلى رحابة التاريخ

إبراهبيم عادل زيد   يعّرف «أحمد عبد اللطيف» روايته الجديدة «حصن التراب» بأنها (حكاية عائلة موريسكية). ولأول وهلة قد يبدو الحديث ...