الأحد، ديسمبر 20، 2009

مدينة العشق الوهمية

أتعلمين كيف يشيدون مدن العشق الوهمية ؟


    أول ما يفعلونه، يا حبيبتي ، هو إقامة أسوار . ظناً منهم أن هذه أولي سبل الأمان لساكنيها ...أسوار عالية قدر المستطاع ، بسبائك من الذهب والفضة ،ولا مانع من إضافة بعض النحاس والحديد ليكتمل الجمال مع طلوع الشمس المشرق . بعدها يتم التشييد الداخلي ، حيث قصور من الذهب الخالص ، وأرضيات الرخام ،ولوحات لبيكاسو وسلفادور دالي ، وسجاجيد عجمية تريح السائر ، وعدد لا بأس به من حمامات السباحة ..ربما يحلمون أيضاً أن يصنعوا لهم شمساً خاصة ، تعمل وقت الليل يجانب القمر ، ليزداد المنظر ألقاً ...أما السكان ، وهم عشاق بالضرورة ، فلابد أن يرتدوا أبهى ما لديهم من ملابس ،وزينات ، وأساور ، ولا مانع من الوصول لارتداء الاستبرق الأخضر تشبهاً بأهل الجنة المزعومة ... يجب أن يكون العشاق ، رجالاً ونساءً ، أجمل ما يكون ، ومن الضروري بالتالي استخدام كريمات لتفتيح البشرة ، ولإخفاء الهالات السوداء ، ووضع ماسكرا تليق بحورية . لابد أيضاً من شفاه حمراء ، وعيون مرسومة كامرأة فرعونية ، وشعر ينعم به من يلمسه ، ولابد من اختراع وسائل اغواء ، عمليات سيليكون مثلا ، ملابس تبرز المفاتن... العشاق ايضاً لا يكفون عن استخدام الحقن والعقاقير ، بعضها لخلق عضلات ، وبعضها لحسن المجامعة . ومنهم من يستخدم مساحيق النساء ...


  في صباح كل يوم ، تجد العاشقات والعشاق يتجولون في مدينة العشق الوهمية بأنف تقارب السحابات ، منتفشي الريش كطواويس حقيقية ...وفي الظهيرة يمسكون الشوكة والسكين بعجرفة ، يتظاهر كل منهم بأنه الأفضل علي الدوام .حديثهم لا يكون في العشق قدر التفاخر بما يملك ...في مدن العشق الوهمية ، التجمل ، وليس الجمال ، هي الوسيلة الوحيدة للاستمرار ...
ولأنها وهمية سريعا ما تسقط ، تتهاوى ، تنهار أمام ريح قوية ، أو عاصفة رقيقة ...لم يعلم سكان مدينة العشق الوهمية أن الكذب حل مؤقت يحل جميع العقد . وأن الصدق هو النجاة حتى ولو كان مؤلماً ، لذلك ، عندما شيدوا قصر مدينتهم شيدوه بالذهب ،رغم أن البناء لا يكون إلا بالطوب المحروق أو الحجارة الجيرية . وأن الطوب في حاجة لمادة لاصقة ، لكنهم استكبروا علي استخدام الأسمنت . نسوا ، أو تجاهلوا ، أثناء تشييدهم مدينتهم ، أن يبنوا أنفسهم أولاً ، بلبنات من الصدق والوضوح والصراحة ، فصاروا يبنون حولهم ، لا داخلهم ، قصورا ذهبية . لم يعلموا ، أو علموا وتناسوا ، أن الأسوار تبنى بمفردها لو صدقوا . وأن العشق وحده أقوى من كل الأسوار .
 مدينة العشق الوهمية كان يجب أن تختفي ولا يذكرها أحد ، وإن بكى ساكنوها على أطلالها ، فلن يعيد لهم ذلك شيئاً .لأن أحدهما رأى عورات الآخر أثناء تبوله ، ودون إرادة منه ...لأن أحدهما اشتم في الآخر الرائحة الكريهة التي حاول طول الوقت أن يداريها عنه . الثقة ضاعت مع العاصفة ...لأن مدينة العشق الوهمية مثل جنة آدم ...






الأحد، ديسمبر 13، 2009

وداعاً أبي

قال : أنت تؤمن بالمستحيل . قال : الناظرون إلى السماء يتعرقلون في الأرض . قال : لن تغير العالم . قال : لا تصدق إلا عقلك . قال : لن تهنأ بجوار امرأة ملتوية .قال : لا تطلب أكثر مما تعطي . قال : لا تترك الأبواب مواربة والنهايات مفتوحة . قال : لآخرون يصفقون عندما تنجح ، لكنهم لا يصنعون نجاحك . قال : افعل ما تريد مهما كلفك الأمر . قال : لا تبك إلا أمام امرأة تعشقك . قال : لا تقل إلا ما تعتقد ، ولا تعتقد قبل أن تفكر . قال : لا تصدق كل ما يُقال . ________________________________ أبي ، وداعاً ( 4 ديسمبر 2009)

جديد

«حصن التراب»: من ضيق الميلودراما إلى رحابة التاريخ

إبراهبيم عادل زيد   يعّرف «أحمد عبد اللطيف» روايته الجديدة «حصن التراب» بأنها (حكاية عائلة موريسكية). ولأول وهلة قد يبدو الحديث ...