الأحد، نوفمبر 30، 2008

قصة لماركيز لم تترجم من قبل

شيئ خطير جدا سيحدث في هذه القرية ملحوظة : حكي ما ركيز هذه القصة في احدي مؤتمرات الكُتاب أثناء الحديث عن الفرق بين القصة المحكية والقصة المكتوبة ، قائلا " لنري كيف تتغير القصة عند كتابتها " . تخيل أنك في قرية صغيرة ، تقطن بها سيدة عجوز ، لها من الأبناء اثنان ، أحدهما ولد في السابعة عشرة ، والأخري فتاة في الرابعة عشرة . عندما تقدم لهما الفطور ذات يوم ، يكون وجهها مكتسيا بعلامات القلق . يسألانها عما حدث . فتخبرهم أنها استيقظت وهي تشعر أن شيئا خطيرا جدا سيحدث في هذه القرية . يسخر الابنان من أمهما . يقولان إنه شعور سيدة عجوز ، أشياء وتمر . ويذهب الابن ليلعب البلياردو ، وفي اللحظة التي يوشك فيها علي ضرب الكرة يقول له اللاعب الآخر : ـ أراهنك ببيزو أنك لن تصيب . يضحك الجميع . ويضحك الابن . ويضرب الكرة فلا يصيب . يدفع البيزو ، ويسأله الجميع عما به ، فقد كانت لعبة في غاية السهولة . فيجيبهم : ـ أنتم محقون ، لكنني مشغول جدا بأمر أخبرتني به أمي هذا الصباح ، قالت إن شيئا خطيرا جدا سيحدث في هذه القرية . سخر منه الجميع . وعاد اللاعب الذي فاز عليه وربح البيزو إلي بيته ، حيث سيجد أمه أو حفيدته أو أية قريبة أخري . وسعيدا بالبيزو الذي ربحه يقول : ـ لقد ربحت هذا البيزو من داماسو بطريقة غاية في البساطة ، لأنه احمق . ـ لماذا تقول إنه أحمق ؟ . ـ لأنه لم يستطع أن يصيب بكرة سهلة قائلا إن هناك فكرة متسلطة تلاحقه ، حيث أن امه قالت له إنها استيقظت وهي تشعر أن شيئا خطيرا جدا سيحدث في هذه القرية . تجيبه أمه حينئذ : ـ لا تسخر من نبوءات العجائز فأحيانا تصيب . تسمعه القريبة ثم تذهب لشراء اللحم . تقول للجزار : ـ اعطني رطلا من اللحم . وفي اللحظة التي يقطع لها ما طلبته تضيف : ـ اجعلهم رطلين ، لأنهم يقولون إن شيئا خطيرا سيحدث ومن الأفضل أن نستعد له . يعطيها طلبها . وعندما تأتي سيدة أخري تشتري رطل لحم آخر ، يقول لها : ـ خذي رطلين ، لأن الناس يقولون إن شيئا خطيرا سيحدث ، ولذا يستعدون ويشترون ما يكفيهم من المؤن . حينئذ تجيبه العجوز : ـ لدي العديد من الأولاد ، ومن الأفضل أخذ أربعة أرطال . تأخذ طلبها وتسير . وحتي لا أطيل القصة ، سأقول إن الجزار قد باع كل اللحم في نصف ساعة ، وذبح بقرة اخري ، وباعها كلها ، وذاعت الاشاعة . وتأتي لحظة يكون فيها أهل القرية في انتظار حدوث شيئ . فتتوقف كل الأنشطة . وفجأة ، في الساعة الثانية ظهرا ، عندما يشتد الحر ، يقول أحدهم : ـ هل انتبهتم لهذا الطقس ؟ ـ نعم ، لكن طقس هذه القرية دوما حار. ـ ومع ذلك ـ يقول أحدهم ـ لم يكن حارا أبدا بهذه الدرجة في هذه الساعة . ـ لكن الثانية ظهرا هي أشد ساعات الحر . ـ نعم ، لكن لم يكن حارا مثل الآن . تصير القرية خالية ، والميدان خالي ، فيهبط عصفور ، وينطلق فجأة صوت : ـ هناك عصفور في الميدان . ويتجمع الناس ، يرتجفون خوفا ، ليروا العصفور . ـ لكن يا سادة ، عادة ما تهبط العصافير للميدان . ـ نعم ، لكن العصافير لم تهبط قط في هذه الساعة . ويصاب أهل القرية في لحظة بالضغط ، ويصيبهم اليأس ، ويتمزقون بين هجر القرية وعدم توافر الشجاعة لفعل ذلك . يقول احدهم : ـ أنا رجل وسأرحل . يضع أولادة وأثاثه وحيواناته في عربة ، ويعبر بالشارع الرئيسي للقرية المسكينة التي تتفرج عليه ، حتي يقولون : ـ إن كان هذا تجرأ وفعلها فنحن أولي بها . ويبدأ الرحيل حرفيا من القرية . يحمل أهلها أشياءهم وحيواناتهم وكل شيء . ويقول أحد الأواخر الذين يهربون من القرية : ـ حتي لا تقع النكبة علي ما تبقي من بيتنا ـ ويحرق بيته ويفعل الآخرون مثله . ويهربون في ذعر هائل وحقيقي ، كما لو كان هروبا في حرب . وفي الوسط تسير السيدة العجوز صاحبة النبوءة ، صارخة : ـ ألم أقل إن شيئا خطيرا جدا سيحدث في هذه القرية ، وقالوا إنني مجنونة .

جديد

«حصن التراب»: من ضيق الميلودراما إلى رحابة التاريخ

إبراهبيم عادل زيد   يعّرف «أحمد عبد اللطيف» روايته الجديدة «حصن التراب» بأنها (حكاية عائلة موريسكية). ولأول وهلة قد يبدو الحديث ...