الأربعاء، مارس 25، 2009

قصة : كتابة ضد الرغبة

خوان مياس عندما أسأل نفسي هل كان لنا مدرسون أفاضل ، أتخيلهم ، واحداً واحداً ، فيطاردني سؤال آخر ، هل كان لهؤلاء المدرسين تلامذة نجباء . بشكل عام ، كنا تلامذة أشقياء ، لا ينعم في وجودنا لا المُربي الطيب ولا الشرير . من بين هؤلاء كان مدرّس الأدب، الذي كان يأمرنا بكتابة موضوعات مختلفة . فيطلب منا ، مثلاً ، إذا شاهدنا فيلماً قد أعجبنا ، أن نكتب عكس إرادتنا ، شريطة أن نكتب بطريقة يعجز أمامها القاريء عن كشف الكذب من الحقيقة . بعد كتابة العديد من هذه الموضوعات ، انتبهتُ أن كثيراً من الأفلام ، التي اعتقدتُ أنها أعجبتني سابقاً ، ليست إلا أفلاماً لا قيمة لها . تعلّمتُ أيضاً أنه بقليل من الموهبة والممارسة يمكنني الدفاع عن أوضاع لا يمكن الدفاع عنها . إلي الآن مازلتُ أستخدم منهج هذا المُعلم ، حيث أن كثيراً من موضوعاتي أكتبها مباشرة ضد رغبتي ، لأنني لا أثق كثيراً أن أفكاري الناتجة عن إنطباع ما أفكار صائبة . ذات يوم ، أمرنا المُعلّم أن نكتب موضوعاً عن أبائنا . طلب منا أن نتخيل أحدهما علي وشك الموت ، وعلينا أن نقرر أيهما في هذا الوضع . لم نتكلم في الفسحة عن شيئ آخر . ـ أنا أختار أبي ـ قال أحدنا ـ لكنه من ينفق علي البيت! ـ لا تشغل بالك ـ رد آخر ـ فأمك ستعيش من المعاش . ـ وما هو المعاش ؟ سأل ثالث من بعيد . أنا لم أكن أدري أيهما أختار ، فتخيلتُ كلتا الفرضيتين ، واخترت هكذا من سيسبب لي وفاته ألماً أشد ، فلقد صرتُ خبيراً ، أو هكذا كنتُ أعتقد ، في الكتابة ضد رغبتي . قتلتُ أبي إذن ، وحصلتُ علي تسعة من عشرة ، وهي اعلي درجة حصلتُ عليها في حياتي بأكملها ، وبفضلها لم أرسب ، لأول مرة ، في مادة الأدب في امتحان الشهر . هنأني أبي وأعطاني قبلة ، فشعرتُ أنهما تهنئة وقبلة من رجل حُكم عليه بالموت . احتملتُ هذا الشعور بالذنب مدة عام ، حتي ساقتني الصدفة وبعض الأعراض إلي غرفة المحلل النفسي ، وهناك تحققتُ أن كل الأطفال يرغبون قتل آبائهم ليستحوذوا كلية علي أمهاتهم . إذن فقد فعلتَ الصواب ، أخبرني محللي النفسي ، ناصحاً إياي ألا ألوم نفسي بهذه الطريقة . ما يؤلمني حقاً ، الآن ، أنني فعلتُ ما كان متوقعاً . وفي هذه اللحظة أسأل نفسي هل لو كنتُ قد اخترتُ أمي للموت كنت سأحصل علي عشرة من عشرة ، وأعطوني مرتبة الشرف!

جديد

«حصن التراب»: من ضيق الميلودراما إلى رحابة التاريخ

إبراهبيم عادل زيد   يعّرف «أحمد عبد اللطيف» روايته الجديدة «حصن التراب» بأنها (حكاية عائلة موريسكية). ولأول وهلة قد يبدو الحديث ...