السبت، سبتمبر 01، 2012

ما قاله ابن إلياس سراً


ما قاله ابن إلياس سراً


أحمد عبد اللطيف

     ويسألونك عن مصادر أموال الإخوان، قل هي من أمر ربي، وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً. ويا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدى لكم تسوءكم. وثلاثة من كن فيها تذوقت حلاوة الإيمان، أن تطيع المرشد ومكتب الإرشاد فلا تشرك بهم أحداً، وأن يكون فتات الإخوان خير لك من الدنيا وما فيها، وأن تخرج من الدنيا كما ولدتك أمك من أجل أخيك الإخواني. ويحكى أن إعرابياً اقترب من القصر الجمهوري وقال عندي مظلمة، ألا تدلوني على ديوان المظالم؟ فابتسم الحارس الأنيق في وجهه وقال: يا عبد الله ألا تعلم أن الشكوى لغير الله مذلة؟ وأن الله يأتي بصاحب المظلمة يوم القيامة فيأخذ من حسنات ظالمه ليضعها في كفة حسناته فيصير من أصحاب الجنة؟ فقال الإعرابي والله أعرف والله أعرف والله أعرف، قالها ثلاثاً فوقع ميتاً من العطش، فلما تحرى الفرزدق والجبرتي وابن هشام اكتشفوا أنه لم يشرب الماء من أيام عدة، وأن النور مقطوع عند أهله من شهر سبعة، فعادوا ورددوا قوله تعالى:"قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً. الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً". فلما سمعهم الحراس سجنوهم وعذبوهم بتهمة سب الذات الرئاسية، فما كان من الذات الرئاسية إلا أن قالت ماذا تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا أخ كريم وابن أخ كريم، قال فاذهبوا فأنتم الطلقاء. فلما أمطرت السماء قال ادعوا ربكم يهبط علينا من فومها وعدسها وبصلها، ثم طلب من بنك النقد الدولي قرضاً، فسأل أحد المارة: ما الربا يا عم الفقيه؟ قال أن يقترض منك أخوك أردباً من القمح ويعيده لك أردباً ونصف، وأحل الله البيع وحرم الربا. فتعجب الرجل وسأل عن فوائد قرض البنك الدولي، فنظر إليه الفقيه باستخفاف وقال: إنها المصاريف الإدارية يا أبا جهل، ألم تسمع من قبل عن المصاريف الإدارية؟ طأطأ الرجل رأسه وسار بألم في خصيتيه من جراء الجهل، وقال اللهم إني اعوذ بك إن كنت عصياً. ثم بلغني أيها الملك السعيد ذو العقل الرشيد أنه في البدء قُسّم الخلق إلى ثلاث: إخوان ويسار وليبراليين، فلما انتُهي من الخلق سأل اليسار والليبراليون في نفس واحد: من هؤلاء؟ فقيل: إنهم الإخوان. قالوا وما الإخوان؟ قال من تجوعون ليشبعوا، ومن تتعرون لتستروهم، ومن إذ عملتم ثورة ركبوها وصوروا رئيسهم على حصان ووضعوه على غلاف مجلة أكتوبر. قالوا ثم ماذا يحدث؟ قال إذا وقعت الواقعة ليست لوقعتها كاذبة. فأدرك شهر يار الصباح، وسكت عن الكلام المباح. ويحكى في الأثر، أنهم لما اتزنقوا في الجواب عن مصادر أموالهم قالوا ربي احلل عقدة من لساني ليفقهوا قولي أو ارسل معي أخي خيرت. فظل الجمع منتظراً حتى فنت الأرضون وتشققت السموات وطلعت الشمس من المغرب، ولا يزالون يتلجلجون ويتلعثمون، حتى سأل ملك اللسان: ماذا بكم، واقترب منهم ليسمعهم يقولون: ال س ع و د ي ة ق ط ر ا ل س ع و د ي ة ق ط ر .. فسمع الجواب من لم يطرح السؤال، ومن طرح السؤال مات بفضوله. ثم في البدء كان الكلمة، ثم صار الدولار. أفإن وصلتم للسلطة انقلبتم على عقبيكم؟  

مقال منشور بأخبار الأدب 1 سبتمبر 

جديد

«حصن التراب»: من ضيق الميلودراما إلى رحابة التاريخ

إبراهبيم عادل زيد   يعّرف «أحمد عبد اللطيف» روايته الجديدة «حصن التراب» بأنها (حكاية عائلة موريسكية). ولأول وهلة قد يبدو الحديث ...