الأحد، سبتمبر 23، 2012

عزيزي صابر عرب



عزيزي صابر عرب

  
أحمد عبد اللطيف 

     ماذا يعمل السيد صابر عرب في وزارة الثقافة؟ السؤال ينطلق من مواقف الوزير المختلفة التي أصابت الوسط الثقافي بصدمات متتالية، منها تعليقاته باللجنة التأسيسية للدستور حول مادة حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية. فالوزير، الذي يفترض أنه من المدافعين عن الحرية، يتخوّف من حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية لغير الديانات السماوية الثلاث، ويسأل مستنكراً:"هل من حق جماعة تعتقد أنها تنتسب لديانة سماوية، كالشيعة مثلاً، إقامة شعائرها وإنشاء دور عبادة لها؟". والسؤال الاستنكاري يفتح المجال لأسئلة أخرى: أليست الشيعة طائفة إسلامية؟ وهل يمكن، طبقاً لنفس المنطق، السماح لليهود بممارسة ديانتهم وعدم السماح للشيعة؟ ثم أليس من حق المواطن المصري إن كان بهائياً أن يمارس عقيدته بحرية؟ ثم أليس من حق المواطن المصري أن يعتقد فيما يعتقد فيه، بكامل حريته التي أعطاها له الله، وأن يمارس عقيدته؟ الأمر لا يتعلق بفتوى دينية ولا بحث فيمن يمتلك الحقيقة المطلقة، الأمر كل الأمر يرتبط بدستور ينظّم العلاقة بين السلطة والمواطن، ومن واجب الدولة أن تحمي مواطنيها وتحترم معتقداتهم. ومع أن التدخل في معتقدات الغير مرفوضة، إلا أنه كان من المتوقع أن يتحدث في هذه المادة وزير الأوقاف أو شيخ الأزهر، وأن يكون وزير الثقافة جبهة صد، ولأن ذلك لم يحدث، وحدث عكسه تماماً،  أسأل سعادة الوزير: عزيزي صابر عرب، ماذا تعمل كوزير ثقافة؟

     لو أضفنا إلى ما سبق تصريحات أخرى للوزير حول الفن والرقابة والمصادرات، فالسؤال يجب أن يتكرر مرات متعددة، فعرب يؤكد أنه لن يصادر الفن الجاد، وأنه سيصادر فقط الفن التافه، وأن الذين يتخوفون من المصادرات هم أصحاب الفن التافه! هل تكفي علامة تعجب واحدة؟ ألا يعلم الوزير أن دوره كمثقف أولاً، وووظيفته كوزير للثقافة ثانياً، تفرضان عليه الدفاع عن حرية الإبداع ورفع القيود ومنع الرقابة؟ ثم أن الحكم للجمهور وللقراء، وليس من حقه أو من حق غيره أن يقوم بدور الوصي، لأنه ليس راعياً والجمهور ليس قطيعاً. ثم أن المدافعين عن الفن ليسوا أصحاب الفن التافه، بل الذين يعلمون أن الإبداع يحتاج مناخاً من الحرية، وأن للإبداع شروطا لا يعرفها أصحاب العمم، الذين انضم إليهم المتلونون من المثقفين، وأولهم من قدّم استقالته بحجة رفضه العمل مع حكومة الإخوان، ثم العمل معها بعد فوزه بالتقديرية، ثم الدفاع عن الرقابة والمصادرة بأكثر مما كانت تتمنى الجماعة المغلقة.

      السؤال الموجه لصابر عرب مشروع بعد أن أعاد وزير "الثقافة" الرقابة على مركز الإبداع، الذي يقدم أفلاماً سينمائية عالمية، يشاهدها كثير من المتخصصين وبعض محبي الثقافة الأجنبية، وهي أفلام بالطبع تتسم ب "الفن الجاد" بمصطلح الوزير. الرقابة التي كانت أيام فاروق حسني، وألغاها عماد أبو غازي ثم شاكر عبد الحميد، أعادها عرب، لا لشيء سوى مغازلة السلطة الجديدة، وتقديم فروض الطاعة، وربما تكون خطوة أولى لإغلاق المركز، ليحل محلها سينما الإخوان، وساعتها سيكون الجواب عن السؤال بسيطاً جداً: وزيراً في حكومة الإخوان!

مقال المنشور باخبار الادب بتاريخ 23\9\2012

جديد

«حصن التراب»: من ضيق الميلودراما إلى رحابة التاريخ

إبراهبيم عادل زيد   يعّرف «أحمد عبد اللطيف» روايته الجديدة «حصن التراب» بأنها (حكاية عائلة موريسكية). ولأول وهلة قد يبدو الحديث ...